معهد واشنطن: الإصلاح الفعلي للسلطة الفلسطينية يتطلب أكثر من مجرد تعيين رئيس وزراء جديد

أبو مازن
أبو مازن

لن تؤدي عودة "السلطة الفلسطينية" إلى غزة إلى الحصول على دعم الجمهور الفلسطيني أو مجتمع المانحين الدولي ما لم يُمنح مجلس الوزراء المقبل المجال لتنفيذ إصلاحات أمنية ومالية وسياسية جدية، حسب ما كتب "غيث العمري" في معهد واشنطن.

 

في 26 فبراير، قبل رئيس "السلطة الفلسطينية" محمود عباس استقالة رئيس الوزراء محمد أشتية وحكومته.

 

لم يتم بعد تعيين خلف رسمي لأشتية. ومع ذلك، لكي يتمتع أي مرشح بالمصداقية، يجب أن يُنظر إليه على أنه مستقل ومتمكن - خاصة في المجالين المالي والأمني. وهذا أمر ضروري ليس للأغراض الفلسطينية الداخلية فحسب، بل لبناء ترتيبات مستدامة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة أيضًا.

 

وعلى المدى القصير، يُعد استلام "السلطة الفلسطينية" زمام الأمور بالكامل أمرًا غير واقعي. ومع ذلك، يجب أن يقتنع المانحون بأنه تم إصلاح "السلطة الفلسطينية" بشكل كافٍ، وبأنها تتمتع بالقدرات والشفافية المالية لتضطلع بدور يتنامى تدريجيًا في إدارة إعادة الإعمار والحكم، كل ذلك دون تحويل مسار المساعدات إلى أغراض غير منشودة.

 

على المدى الطويل، فإن وجود "سلطة فلسطينية" قادرة على الإصلاح أمرًا ضروريًا أيضًا لتحقيق حل الدولتين أو حتى اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه. وإلا ستكون النتيجة على الأرجح قيام دولة فاشلة أخرى في منطقة تعج بمثل هذه النماذج المزعزعة للاستقرار.

 

سيحدد سؤالان ما إذا تم استيفاء هذه الشروط أم لا. أولًا، هل سيجري تمكين رئيس الوزراء الجديد لكي ينجز الإصلاحات اللازمة؟ إن البنود الرئيسية على جدول أعمال الحكومة المقبلة شاقة، حيث تشمل إعادة بناء قوات الأمن وتوسيعها لاستعادة السيطرة على الضفة الغربية، وتدريجيًا في غزة، بالإضافة إلى إنشاء نظام مالي عام شفاف وموثوق ليكون بمثابة قناة للمساعدات الدولية وأموال إعادة الإعمار. ولا يمكن تحقيق هذه المهام في ظل التدخل المستمر من قبل مراكز القوة الفلسطينية الأخرى.

 

ثانيًا، من سيتحكم بعملية تشكيل الحكومة؟ إن مدى فرض عباس أو اللجنة المركزية لحركة "فتح" هذه التعيينات سيكون مؤشرًا مبكرًا على الآفاق المستقبلية لرئيس الوزراء. ويجب إيلاء اهتمام خاص لاختيار وزير الداخلية (الذي يتمتع بالسلطة القضائية على الأجهزة الأمنية) ووزير المالية. ومن الناحية التاريخية، خضعت هاتان الحقيبتان لتدخلات كبيرة من قبل الرئيس الفلسطيني وحركة "فتح".

 

هناك مؤشرات أخرى تستحق المتابعة أيضًا. على سبيل المثال، هل ستكون الحكومة المقبلة حكومة تكنوقراط فعلية يتم فيها تعيين وزراء من الخبراء، أم ما يسمى بحكومة "توافق وطني" التي يتم اختيار أعضائها من قبل فصائل مختلفة، بما في ذلك "حماس"؟ 

 

إن أي إشارة إلى أن الحكومة تضم شخصيات مقرّبة من "حماس" ستجعلها غير مقبولة بنظر المجتمع الدولي. بالإضافة إلى ذلك، هل ستشمل الحكومة تمثيلًا للشباب، أم ستهيمن عليها شخصيات أكبر سنًا وأكثر تقليدية؟ إن الإصلاح العميق هو أقل احتمالًا بكثير في السيناريو الأخير.