مسؤولون أمميون: ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة

متن نيوز

حذّر العاملون في المجال الإنساني بالأمم المتحدة من أن ما يزيد عن نصف مليون شخص من سكان قطاع غزة "على بعد خطوة واحدة من المجاعة".

 جاء ذلك خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، مساء الثلاثاء، خصصها لبحث أزمة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، بناءً على طلب تقدم به مندوبا سويسرا وغويانا، في إطار بند جدول أعمال المجلس بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

 وقال نائب رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، راميش راجا سينغهام، للسفراء: إن الوضع في غزة خطير حيث تُرك جميع السكان عمليًا يعتمدون على " المساعدات الغذائية الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة"، محذّرًا من أن الوضع سيزداد سوءًا.

 وأضاف أن "العمليات العسكرية وانعدام الأمن والقيود الواسعة النطاق على دخول وتسليم السلع الأساسية أدت إلى تدمير إنتاج الغذاء والزراعة".

 وقال سينغام: "يحذر خبراء الأمن الغذائي من انهيار زراعي كامل في شمال غزة بحلول شهر مايو إذا استمرت الظروف، مع تضرر الحقول والأصول الإنتاجية أو تدميرها أو تعذر الوصول إليها".

 وأضاف: "لم يكن أمام الكثيرين خيار سوى التخلي عن الأراضي الزراعية المنتجة بسبب أوامر الإخلاء والنزوح المتكرر".

 وتابع أن العدوان الإسرائيلي "تسبب في نقص واسع النطاق وأضرار جسيمة في البنية التحتية للمياه وندرة المنتجات وحتى فرص صيد الأسماك إلى جانب تزايد الجوع وخطر المجاعة الذي يلوح في الأفق، داعيًا إلى إيجاد حلول لزيادة وصول المساعدات الإنسانية.

 وأشار إلى أنه منذ بدء العدوان والأمم المتحدة تحذّر من الآثار السلبية التي ستترتب عن انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، خاصة للسكان يعانون من مستويات عالية من الفقر الهيكلي بعد 16 عامًا من الحصار الإسرائيلي.

 وأضاف أن 576 ألف شخصًا قاربوا من مرحلة المجاعة في غزة، وأن طفلًا من بين كل 6 أطفال دون سن العامين، يعاني من سوء التغذية الشديد والهوان، وأن السكان في غالبيتهم مضطرون للاعتماد على المساعدات الإنسانية غير الكافية ليتمكنوا من البقاء.

 وأفاد أن الشح في السلع الأساسية بما في ذلك الوقود والماء والكهرباء أوصلت جهود الإنتاج الغذائي إلى حالة جمود تام.

 وتابع أن خطر المجاعة إزداد بسبب عدم توفر الماء والغذاء والصرف الصحي، بالإضافة إلى غياب المأوى والذي أدى إلى انتشار الأمراض في ظل البرد القارص.

 وأكد أن تعليق تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" يشكّل تحديات إضافية على توفير ما يكفي من المساعدات، مشيرًا إلى أن 1.7 يعيشون في مراكز إيواء عامة ومراكز تديرها الأونروا.

 وبين أنهم مستمرون بالبحث عن حلول للتغلب على العقبات لتوفير المساعدة الغذائية والخدمات الصحية، ما يستدعي ضمانات أمنية أفضل لتقليص المخاطر، مع رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على معدات الاتصالات وإزالة مخلفات الحرب غير المنفجرة واستخدام كل المعابر المتاحة، وأن هذا لن يكون متاحًا دون عمل مكثف من الأطراف كافة بما في ذلك مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

 وأكد أهمية بذل الجهد لوقف إطلاق النار وضمان احترام القانون الإنساني الدولي واستئناف دخول السلع الغذائية الأساسية، والكهرباء والوقود وغاز الطهي وحماية البنى التحتية وإعادة الخدمات ورفع القيود على صيد الأسماك والوصول إلى الأراضي الزراعية.

 وفي إحاطته، رسم نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ماوريتسيو مارتينا، مشهدًا قاتمًا في غزة في وقت يعاني فيه ما لا يقل عن 378،000 من سكان القطاع من أشد مراحل انعدام الأمن الغذائي الحاد.

 وحذر من أن "النتائج الرئيسية مثيرة للقلق"، مقدمًا عينة من التأثير الشديد للعدوان، من قطاع صيد الأسماك المدمر، الذي كان يوفر سبل العيش لأكثر من 100 ألف من سكان غزة، إلى نفوق الماشية على نطاق واسع بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية أو نقص المياه وإمدادات الأعلاف.

 وأضاف أنه ابتداءً من 15 فبراير، تم تقييم أن 46.2% من جميع الأراضي الزراعية قد تضررت، مشددًا على أن البنية التحتية الزراعية قد دمرت، مع أعلى مستويات الدمار بما في ذلك مزارع الأغنام والألبان. وقد تم تدمير أكثر من ربع الآبار، وكان الدمار الأكبر في شمال غزة ومدينة غزة، كما تم تدمير 339 هكتارًا من الدفيئات الزراعية، وكان أشدها في مدينة غزة وشمال غزة وخان يونس. وقد تأثر حصاد الزيتون والحمضيات، الذي يوفر مصدرًا مهما للدخل، بشدة بسبب العدوان.

 وأضاف أنه في الوقت نفسه، فإن القيود الإسرائيلية الصارمة المفروضة على توصيل المساعدات جعلت من المستحيل تنفيذ عمليات إنسانية ذات معنى.

 وقال مارتينا إن وقف إطلاق النار واستعادة المجال الإنساني لتقديم المساعدة متعددة القطاعات واستعادة الخدمات هي "خطوات أولى أساسية في القضاء على خطر المجاعة".

 وأضاف أن الأولوية القصوى هي استعادة الوصول الآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة وإلى جميع المحتاجين إلى المساعدة المنقذة للحياة".

 وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، يجب استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك خطوط أنابيب المياه العابرة للحدود والاتصالات وتوزيع الكهرباء والمرافق الصحية.

 وقال مارتينا: "يجب على جميع الأطراف احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وحماية المدنيين"، مضيفًا أن الوقف الفوري لإطلاق النار والسلام شرط أساسي للأمن الغذائي.

 بدوره، حذّر نائب المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو من أن المجاعة "وشيكة" في شمال قطاع غزة، حيث لم تتمكن أي منظمة إنسانية من تقديم المساعدات منذ 23 يناير.

 وقال في إحاطته أمام مجلس الأمن "إذا لم يتغير شيء، فإن المجاعة ستكون وشيكة في شمال غزة".

 وأوضح سكاو: "قبل السابع من أكتوبر الماضي كان ثلثا سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الغذائية والآن هذه المساعدات مطلوبة لكل سكان القطاع".

 وأضاف أن "غزة تشهد الآن أسوأ مستويات الأمن الغذائي، وخطر المجاعة يزداد بسبب عدم القدرة على توفير المساعدات بصورة كافية".

 وتابع أن "ظروف العمل في مجال تقديم المساعدات ميدانيًا صعبة وخطيرة للغاية، كما أن شاحنات المساعدات واجهت عوائق في العبور وتعرضت لإطلاق النار كذلك، لذلك اضطررنا لتعليق عملنا بسبب الظروف الصعبة والخطر على الموظفين".

 وطالب بضرورة فتح منافذ أخرى إلى القطاع لإدخال المساعدات، وفتح المجال لإدخال الغذاء في الوقت المطلوب والكمية المطلوبة، وتهدئة الأوضاع في القطاع، وضمان بيئة عمل آمنة للموظفين.

 كما شدد على ضرورة وقف إطلاق النار ووضع حد لانعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، داعيًا مجلس الأمن للقيام بمسؤولياته في هذا الخصوص.

 وقالت مندوب غويانا، التي ترأس بلادها مجلس الأمن لهذا الشهر: إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أسهم بارتفاع نسب الجوع والمرض، التي بدورها ستؤدي إلى تحديات بدنية وذهنية تعود بشكل سلبي على جيل كامل.

 وتطرقت إلى تأثير العدوان على الأراضي الزراعية في القطاع، وتدمير الإنتاج والزراعة والبنية التحتية الزراعية، مشيرةً إلى أن الوضع سيزداد سوءًا إذا استمر العدوان لفترة أطول.

 ودعت إلى التدخل العاجل من مجلس الأمن الدولي لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية الصارخة لأحكام القانون الدولي.

 فيما أكد مندوب سلوفينيا من جهته أن ما يجري في غزة الآن يشكل عينة حية لانعدام الأمن الغذائي، حيث لم تعد غزة صالحة للعيش، ومعظم سكانها يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

 ودعا إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، ولوقف استخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في غزة. كما دعا إلى تسهيل إجراءات دخول المساعدات الغذائية وإيصال المياه الصالحة للشرب.

 وأشار إلى أن "الأونروا" هي أساس الاستجابة الإنسانية في غزة، داعيًا إلى استئناف تمويل الوكالة الأممية، وإلى زيادة تمويل المساعدات إلى القطاع المنكوب.

 وشدد على ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار بأسرع وقت لأنه السبيل الوحيد لوقف خطر المجاعة، ووضع حد لمعاناة السكان في غزة.

 ويعيش قطاع عزة، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل برًا وبحرًا وجوًا منذ السابع من أكتوبر، ظروفًا إنسانية غاية في الصعوبة، تصل إلى حد المجاعة، حسب ما ورد في مذكرة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية التي تلقاها مجلس الأمن في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.

 وبحسب برنامج الأغذية العالمية، فإن فرقة أبلغت أن المواطنين يعانون من "مستويات غير مسبوقة من اليأس"، بينما حذّرت الأمم المتحدة من أنّ 2،2 مليون شخص باتوا على شفا المجاعة.

 فيما أوضحت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية "الفاو"، أن مواطني غزة يعانون مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي الحاد والجوع، وأن الظروف في غزة تشبه المجاعة.

 وأوضحت أن جميع مواطني غزة البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة ينتمون إلى أحد مستويات الجوع الثلاثة، التي تتراوح ما بين حالة الطوارئ إلى الأزمة إلى الكارثة، وهي أوضاع لم تشهدها "الفاو" من قبل في أي بلد في أنحاء العالم، وما يثير القلق أن المزيد من الناس في غزة ينتقلون إلى مرحلة المجاعة، وما لا يقل عن 25% من سكان القطاع بلغوا أعلى مستويات تصنيف الجوع.

 وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أنّ النقص المقلق في الغذاء وتزايد سوء التغذية والأمراض، قد يؤديان إلى "انفجار" في وفيات الأطفال في غزة.

 ويعاني واحد من كل ستة أطفال دون الثانية من العمر في غزّة من سوء التغذية الحاد، وفق تقديرات لمنظمة اليونيسف نُشرت في 19 فبراير.

 وتواصل سلطات الاحتلال منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، خاصة إلى مناطق الشمال، فيما لا تكفي المساعدات التي تصل إلى جنوب القطاع حاجة المواطنين، خاصة في رفح التي تعد آخر ملاذ للنازحين، التي تستضيف رغم ضيق مساحتها المقدرة بنحو 65 كيلومترًا مربعًا؛ أكثر من 1.3 مليون فلسطيني، يعيش غالبيتهم داخل خيام تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

 مما يذكر أن القرار الأممي رقم 2417 الصادر في 24 مايو 2018 يحتم على الأمين العام للأمم المتحدة إرسال برقية إحاطة عاجلة لمجلس الأمن الدولي حال حدوث خلل في حالة الأمن الغذائي لمواطني قطاع غزة نتيجة للحرب.