إثيوبيا تتحرك تجاه المياة الدافئة.. هل ستكون المنطقة أمام إيران إفريقية؟

أبي أحمد
أبي أحمد

إثيوبيا عرفت قديما بالإمبراطورية الإثيوبية، وعرفت أيضًا باسم "الحبشة"، وهي ملكية امتدت عبر منطقة جغرافية في ولايتي إثيوبيا وإريتريا الحاليتين.، وبدأت مع تأسيس السلالة السليمانية من قبل أن تصبح ملكية منذ 1270 حتى عام 1974، عندما أطيح بالإمبراطور هيلا سيلاسي في انقلاب قاده منغستو هيلامريام.

 كانت طوال وجودها على علاقات غير ودية بدول القرن الأفريقي، لكنها تمكنت من الحفاظ على شكلها القديم للمملكة القائمة على المسيحية وتطويرها.

استقلال ارتيريا:

استقلت ارتيريا عن إثيوبيا بعد حرب تحرير (1 سبتمبر 1961 - 29 مايو 1991) كانت صراعًا مدمرًا بين إثيوبيا وارتيريا، و تزامن هذا الصراع مع الحرب الأهلية الإثيوبية، التي انتهت بسيطرة الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية الإثيوبية (EPRDF) على الحكم في إثيوبيا وانتصار الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا. 

في أبريل 1993، في استفتاء شعبي، صوت الشعب الإريتري بالإجماع تقريبًا في صالح الاستقلال، ورسميا أصبحت إريتريا دولة مستقلة ذات سيادة واكتسبت الاعتراف الدولي في العام نفسه.

ما الجديد في الامر؟

في يوم 13 أكتوبر 2023، ألقى رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" خطابا أمام البرلمان تحدث فيه عن الضرورة الوجودية لوصول دولته الحبيسة جغرافيًّا إلى المياه الدافئة، وذلك عبر ميناء سيادي على ضفاف البحر الأحمر عن طريق إريتريا أو الصومال أو جيبوتي. وقد استشهد آبي أحمد في حديثه بمقولة "علولا أنغيدا" (المعروف بـ "آبا نيغا")، القائد العسكري الإثيوبي في القرن التاسع عشر، الذي قال إن "البحر الأحمر هو الحدود الطبيعية لإثيوبيا". وكانت إثيوبيا تتمتع منذ منتصف القرن الماضي بمنفذ بحري مستدام وسيادي على البحر الأحمر عبر مينائي "عَصَب" و"مصوَّع" في إريتريا حتى استقلال الأخيرة عنها عام 1993، وهي تعتمد منذ ذلك التاريخ على ميناء جيبوتي منفذا وحيدا يمر من خلاله نحو 95% من تجارتها مع العالم الخارجي.

أتى الرد الرسمي من الدول الثلاث التي ذكرها آبي أحمد في خطابه بالرفض القاطع، هذه الدول هي الصومال وجيبوتي وارتيريا. 

لكن أبي أحمد وجد ضالته في "جمهورية أرض الصومال" الغير معترف بها دوليًا، وأبرم معها في الأول من يناير الجاري (2024) اتفاقًا مبدئيًّا أو بالأصح صفقة تتمتع أديس أبابا بموجبه بالوصول إلى البحر الأحمر، تمهيدًا لإقامة قاعدة بحرية تجارية إثيوبية بالقرب من ميناء بربرة على مساحة 20 كيلومتر مربع لمدة 50 عامًا حسب الاتفاق، مقابل اعتراف الحكومة الإثيوبية بـ "أرض الصومال" كدولة مستقلة، وحصول "أرض الصومال" على حصة قدرها 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية التي بلغت إيراداتها نحو 6.9 مليار دولار وفقًا لإحصاءات عام 2022.

هذا الاتفاق يمثل جزءًا من لعبة جيوسياسية إقليمية تديرها بعض الأطراف الإقليمية عبر وكيلها آبي أحمد في القرن الأفريقي، والتي تستهدف وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية وإعادة هندسة المنطقة، بما يجعلنا أمام مناورة متعددة الأهداف؛ فمن ناحية تحقق إثيوبيا طموحها القديم لحماية مصالحها الحيوية، وإيجاد موطئ قدم استراتيجي لها في المياه الدافئة، وفي الوقت نفسه، حماية مصالح هذه الأطراف الإقليمية، بما يثير المزيد من التساؤلات حول دورها الحقيقي في تشكيل سياسة آبي أحمد الخارجية خلال السنوات الأخيرة منذ صعوده للسلطة في عام 2018.

خاتمة

وتشكل هذه الخطوة فصلًا جديدًا في سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية، في ظل المخاوف من تنامي التوترات السياسية بين دول المنطقة لا سيما الصومال وإثيوبيا، وانقسام دول المنطقة حول الموقف من الاتفاق الأخير الذي ربما يدفع نحو سيناريو "بلقنة" القرن الأفريقي وما يعنيه ذلك من تقسيم دول المنطقة إلى دويلات متنازعة تعصف باستقرار المنطقة، وتهدد المصالح الدولية والإقليمية هناك.

وما زالت أزمة سد النهضة مع مصر ماثلة للعيان على السياسة العدائية لأبي أحمد ضد مصر وسائر الدول العربية...وهو ما يذكر العرب بنفس الدور الايراني وكأننا أمام إيران أفريقية.