وضاح مطهر مسعد يكتب.. صراع التوازن

وضاح مطهر مسعد
وضاح مطهر مسعد

من الملاحظ أن التوازن الدولي يشهد تحولات جذرية في ضوء التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم؛ فبينما كانت الولايات المتحدة وحلفائها تتمتع بسيطرة كبيرة على الأحداث العالمية لفترة طويلة، فإن روسيا والصين قد برزتا كقوتين ناشئتين تسعيا لإعادة توزيع القوى في العالم، وإعادة تموضع نقط الاتزان.


وفي هذا السياق، يمكن رؤية تأثير هذه التغيرات على عدة جبهات دولية، بدءًا من الصراع الروسي – الأوكراني، والفلسطيني – الإسرائيلي وحلفاؤهما؛ حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه وزيادة نفوذه في المنطقة؛ وبالإضافة إلى ذلك، تشهد إفريقيا وآسيا منافسة بين الدول الكبرى للسيطرة على الموارد وفتح أسواق جديدة.


وفي ضوء هذه التحديات، يمكن تصور عدة سيناريوهات للتوازن الدولي؛ فمن الممكن أن يتم التوصل إلى حل سياسي يستجيب لمصالح جميع الأطراف المعنية، ويرفع من مستوى التعاون والتفاهم بين الدول، ومن الممكن أيضًا أن تتدخل أطراف أخرى في هذه الصراعات، سواء كان ذلك من خلال تشكيل تحالفات جديدة أو دعم جبهات جديدة.


وبغض النظر عن السيناريو المتبع، فإن استخدام القوة والحروب المباشرة ليست بالخيار المفضل للدول الكبرى في التعامل مع هذه التحديات، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية معقدة، وتطور تكنولوجي يغير العالم، ويعيد تشكيله؛ فعلى الرغم من أهمية المصالح الجيوسياسية والاقتصادية، فإن تبعات الحروب قد تكون كارثية وتؤثر على الجميع.


ومع ذلك، فإن سلسلة المعارك والحروب وتغيير الأنظمة، ما هي إلا أدوات وأوراق في لعبة لبسط نفوذ دول كبرى، وتحقيق مصالح بينية، لقوى غير شرعية، مصادر تمويلها، تجارة السلاح والمخدرات والرقيق، والتداول في الأسواق السوداء.

في الأخير، لا أستطيع إلا أن أتفاءل، بأن هناك تحركات دبلوماسية جادة، نحو تحقيق الاستقرار والتوازن الدولي، ففي أوقات عصيبة كهذه، فأن الدبلوماسية أكثر عملية، ولديها من خصائص القوة، فهي تعتبر من أهم الأدوات الهجومية والدفاعية.