جغرافية صعبة وقدرات جديدة لفصائل فلسطين.. هل ينجح جيش الاحتلال في اجتياح غزة بريًا؟

غزة تحت القصف
غزة تحت القصف

تتواصل الاشتباكات بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وعناصر حماس في نقاط قريبة من قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي بعد عملية "طوفان الأقصى" التي أحدثت صدمة في الاحتلال.

 

ووجهّت المقاومة الفلسطينية، بغزة رشقات صاروخية هائلة ومكثفة وغير مسبوقة،  تجاه مدنية عسقلان، يأتي ذلك وسط تعالي دوي صفارات الإنذار

 

وأوضحت الفصائل الفلسطينية، أن تلك الصواريخ تأتي ردًا على استهداف الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين وارتكاب عشرات المجازر في القطاع.

 

جاء ذلك عقب تحذيرات حركة حماس، حيث طلب أبوعبيدة، المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس، من سكان ميناء عسقلان الإسرائيلي مغادرة المنطقة بحلول الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي دون إعطاء أي تفاصيل أخرى، وتقع عسقلان على بعد تسعة أميال شمال غزة.

 

ويميل القتال بين الجيش الإسرائيلي وحماس إلى اتباع نمط مماثل للعمليات السابقة في غزة، مع شن عمليات توغل برية على مستويات مختلفة يسبقها عادةً وابل كثيف يستهدف المناطق والمواقع التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي للاقتراب، كما استخدم جيش الاحتلال بشكل مكثف القوة الجوية والقصف من المدفعية البرية والزوارق الحربية البحرية في المرحلة الأولى من الحملات لاستهداف ما تقول إنها البنية التحتية العسكرية لحماس، بما في ذلك المباني الحكومية ومراكز الشرطة والمنشآت الساحلية ومنشآت التدريب والمنازل والتي تتبع لكبار المسؤولين، ولكن في حين تتمتع إسرائيل بميزة هائلة من حيث حجم جيشها، والتكنولوجيا، وأنظمة الأسلحة والخدمات اللوجستية، فقد تكيفت حماس إلى حد كبير على مر السنين للاستفادة من البيئة الحضرية الكثيفة في غزة، حسب ما ذكرت صحيفة “جارديان” البريطانية.

 

كيف ستؤثر الجغرافيا على الحرب؟

مراقبون يقولون لـ "متن نيوز" إن جغرافية غزة تحد من العمليات الإسرائيلية، ولهذا السبب تميل قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى استخدام نفس طرق الاقتراب، فهناك مناطق ريفية من الأراضي الزراعية بجوار معبر إيريز في أقصى شمال غزة، وحول البريج جنوب مدينة غزة حيث يوجد خط من التلال يطل على وسط غزة، وإلى الشرق من خان يونس في الجنوب حيث يمكن للدبابات والمدرعات التحرك بشكل أكبر بسهولة واتخاذ مواقع إطلاق النار كما توجد نقطة وصول أخرى حول طريق فيلادلفي بالقرب من رفح في أقصى الجنوب.

 

واستخدم الاحتلال الإسرائيلي في الماضي المواقع المطلة على وسط غزة لمحاولة قطع الاتصالات بين مدينة غزة والجنوب وأماكن أخرى لتقسيم المنطقة، وتدرك حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في غزة، أن هذه الطرق يمكن لقوات الاحتلال الإسرائيلي استخدامها، وسيكون لها في كثير من الأحيان خطوط دفاعها الأولى في هذه المناطق، التي كانت مسرحًا لقتال عنيف في الماضي.

 

ومع تحول الريف الرملي إلى مناطق حضرية، تصبح التضاريس أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل، وتطل المباني السكنية الشاهقة في أماكن مثل جباليا وبيت لاهيا على المداخل الشمالية نحو مدينة غزة، بينما يحد الطريق الرئيسي بين الشمال والجنوب المناطق الصناعية التي استخدمتها حماس دفاعيًا في الماضي، أما التضاريس في وسط غزة وشرق خان يونس فهي أكثر انفتاحا، لكن القرى والمباني الشاهقة على طول طرق الوصول وفرت غطاء لحماس.

 

هل سيدخل الإسرائيليون إلى مدن غزة الرئيسية؟

وتعرضت القوات الإسرائيلية لاعتداءات عنيفة أثناء محاولتها التقدم إلى المراكز الحضرية الكبرى، وتمتلك حماس والفصائل الأخرى ألغامًا مضادة للدبابات وصواريخ موجهة مضادة للدبابات، وقد استخدمتها بفعالية مع إطلاق قذائف الهاون.

 

وفي إحدى ليالي القتال في منطقة الشجاعية المبنية خلال حرب عام 2014، فقدت إسرائيل 13 جنديًا في كمين شمل لغمًا مضادًا للدبابات ونيران مدافع رشاشة، في حين يتمتع جيش الاحتلال الإسرائيلي بخبرة القتال بالمدرعات في المدن الفلسطينية، وليس أقلها في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، يُعتقد أن حماس تمتلك الآن مخزونًا كبيرًا من صواريخ كورنيت المضادة للدبابات والتي تم استخدامها بفعالية، بما في ذلك من قبل حزب الله في لبنان ضد الدبابات القتالية الرئيسية الإسرائيلية.

 

كما طورت الفصائل طائرات دون طيار مجهزة بالذخيرة من النوع المستخدم على نطاق واسع في أوكرانيا والتي يمكنها إسقاط قنابل على المركبات والقوات، وهو تهديد جديد للاحتلال الإسرائيلي.

 

ما هو رد حماس؟

تتمتع حماس بسنوات من الخبرة في محاربة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد أصبحت قوة حضرية فعالة وقابلة للتكيف، ولديها نواة من القادة القتاليين ذوي الخبرة الذين لديهم معرفة وثيقة بالطريقة الإسرائيلية في القتال، وبعضهم من الناطقين بالعبرية الذين درسوا الجيش الإسرائيلي بعمق، ولكن إحدى المشاكل الرئيسية التي تواجه إسرائيل في أي محاولة لشن هجوم بري هي أنها ستضطر إلى مواجهة مواقع حماس المجهزة، بما في ذلك الأنفاق القتالية التي تم تطويرها على نطاق واسع على مر السنين، وفي بعض الحالات مجهزة بأنظمة الاتصالات.

 

وبينما كانت شبكات أنفاق حماس بدائية ذات يوم، أصبح لدى مهندسيها الآن خبرة كبيرة في بناء مواقع محصنة ومخفية جيدًا تحت الأرض لاستخدامها كمراكز قيادة ونشر المقاتلين منها، وكانت إسرائيل تتمتع ذات يوم بميزة مراقبة واضحة على غزة، فإن الطائرات المدنية دون طيار الرخيصة والمتاحة بسهولة والتي استحوذت عليها حماس، عملت على تسوية أرض الملعب، مما سمح لها بمراقبة خطوط النهج الإسرائيلية.

 

هل تستطيع إسرائيل إعادة احتلال غزة من جديد؟

وفي حين أن إسرائيل ربما تمتلك القدرة العسكرية والإرادة بعد هجوم طوفان الأقصى يوم السبت، فمن المرجح أن تكون التكلفة باهظة بالنسبة للجيش الإسرائيلي والمدنيين الفلسطينيين، ومع وجود خطر على الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في المنطقة.

 

في حين أن إعادة الاحتلال الكامل لغزة سوف يشكل تحديًا عميقًا وربما يتجاوز قدرة إسرائيل على إدارتها على المدى الطويل، وهو ما يشير إلى أنه إذا قامت إسرائيل بغزو كامل فإن هدفها على الأرجح سيكون هزيمة شاملة لحماس.