هل تمهد قمة بريكس لنظام اقتصادي عالمي متعدد؟

بريكس
بريكس

دعا قادة دول مجموعة "بريكس" من قمتهم بجنوب إفريقيا إلى إرساء نظام عالمي متعدد وإنهاء هيمنة الدولار، وشددوا على ضرورة توسيع المجموعة وتعزيز دورها في تعافي الاقتصاد العالمي. لكن السؤال المطروح الآن هو  هل تمهد قمة البريكس لنظام اقتصادي عالمي جديد في مواجهة الغرب؟

نشأة تحالف دول "البريكس"؟

أول من صاغ فكرة مجموعة بريكس هو كبير الاقتصاديين فى بنك جولدمان ساكس، جيم أونيل، فى دراسة أجريت عام 2001 بعنوان "بناء اقتصادات عالمية أفضل لدول بريكس".

 "بريكس" هى منظمة سياسية اقتصادية بدأت المفاوضات لتشكيلها عام 2006، وهى اختصار لأربع دول الأعضاء هى (البرازيل وروسيا والهند والصين) BRIC وانضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة لاحقًا فى عام 2010، لتصبح "BRICS".

واتفقت دول المجموعة على بعض أسس إصلاح النظام المالى والنقدى الدولى، وذلك بإنشاء بنك التنمية الجديد (NDP)، برأسمال قدره 100 مليار دولار مقسمة بالتساوى بين الدول الخمس فى عام 2014، ويقوم البنك بتقديم القروض والمعونات للدول الأكثر احتياجًا.

كما قامت المجموعة بإنشاء صندوق احتياطى للطوارئ لدعم الدول الأعضاء التى تكافح من أجل سداد الديون بهدف تجنب ضغوط السيولة وأيضا تمويل البنية التحتية والمشاريع المناخية فى البلدان النامية. وتمثل بريكس الآن 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و42% من سكان العالم.

ما هى أهداف المجموعة؟

يهدف التحالف أن يصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة "مجموعة السبع G7" التى تستحوذ على 60% من الثروة العالمية وفقا لآخر تقارير صحفية.

 تعمل مجموعة بريكس على تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون، لخلق نظام اقتصادى عالمى ثنائى القطبية لكسر هيمنة الغرب بزعامة أميركا بحلول عام 2050.

وفي حال قبول العديد من الأعضاء الجدد، فسيتم تعيين البريكس بوصفها كتلة عالمية مهمة، مع تعزيز القوة السياسية والاقتصادية، مما سيجعلها كتلة من الدول غير الغربية (معظمها من جنوب الكرة الأرضية)، وهذا سيؤثر على الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية العالمية بشكل كبير.

قمة حوهانسبرج تاريخية

تحتل القمة -التي لمتدت 3 أيام تحت شعار "بريكس وإفريقيا"- أهمية خاصة في ظل الحرب في أوكرانيا والصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والغرب موجهة والصين وروسيا من جهة أخرى، إذ ترفع الدول الأعضاء بالمجموعة شعارات عالم أكثر توازنا وأمنا، وتدعو لإنهاء عصر القطب الواحد.

وسبقت القمة محادثات ثنائية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في بريتوريا.

بحث قادتها توسيع العضوية لتشمل مزيدا من الدول، حيث اتفقت دول بريكس وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا في قمتها السنوية في جوهانسبورغ على منح الأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، العضوية الكاملة اعتبارا من الأول من يناير القادم.

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي تعد بلاده الأقوى في مجموعة الدول غير الغربية التي تمثل ربع اقتصاد العالم، إن "توسيع العضوية هذا حدث تاريخي".

وأضاف أن "التوسع يعد أيضًا نقطة انطلاق جديدة للتعاون بالنسبة لبريكس. فهو سيمنح آلية تعاون بريكس قوة جديدة وسيعزز قوة الدفع باتجاه السلام والتنمية في العالم".

واشنطن تستبعد التنافس

 حاولت الولايات المتحدة الأمريكية  التقليل من أهمية بريكس، حيث قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن بلاده تستبعد تحول مجموعة بريكس إلى منافس جيوسياسي لها.

وأضاف في إفادة صحفية "هذه مجموعة متنوعة من الدول.. لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة".

لكن المراقبون والمحللون يؤكدون أن دخول دول جديدة إلى المجموعة قد يغير التوازنات الجيوسياسية للمجموعة. وتشترك بلدان "بريكس" في المطالبة بتوازن اقتصادي وسياسي عالمي متعدد الأقطاب.

وتتميز دول المنظمة بأنها من الدول النامية الصناعية ذوات الاقتصادات الكبيرة والصاعدة.

ومع ارتفاع التجارة البينية 56% إلى 422 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية، وبلوغ الناتج المحلي الإجمالي لدول البريكس نحو 26 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج الإجمالي العالمي، بدأ التفكير جديا في تعزيز دور بنك التنمية الجديد من خلال توسيع مصادر تمويله.

وهو البنك الذي أسسته مجموعة البريكس في 2015 كبديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. 

وفي هذا الجدد أفاد تقرير بريطاني بأن تكتل الدول الصاعدة "بريكس"، أصبح يشكل ثقلا اقتصاديا يفوق في أهميته مثيله للدول السبع الصناعية الكبرى.

وأوضح التقرير، الصادر عن مؤسسة "أكرون ماركو للاستشارات" البريطانية، أن مساهمة تكتل "بريكس" في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بلغ 31.5 بالمائة مقارنة بـ 30.7 بالمائة للدول السبع الصناعية الكبرى.

وأشار إلى أن هذه التغيرات الكبرى ترجع بصورة خاصة إلى النمو الاقتصادي القوي الذي سجلته الصين والهند.

وتوقع التقرير أن تزداد مساهمة مجموعة "بريكس" في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدار السنوات المقبلة، لا سيما مع توسع التكتل بضم دول جديدة لعضويته.