وكيل الأزهر: مشروع تحدي القراءة يحظى بالدعم الكامل من الإمام الأكبر

الضويني
الضويني

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنَّ القراءة صنعة العظماء والمفكرين، وسبيل لبناء العقل وتشييد الحضارات، بها ‏يرفع عن الإنسان حجاب الجهل، فينير عقله، ويفهم حقيقة العوالم من حوله؛ عالم الأشخاص وعالم الأحوال وعالم المكان وعالم ‏الزمان، ولكن لا يتحقَّق هذا الوعي الكامل إلا بقراءة واعية، تخرج من حيز القراءة المجردة إلى التطبيق أو ما يسمى الخروج من ‏القوة إلى الفعل، من مجرد حب القراءة والاطلاع واقتناء الكتب إلى اكتشاف المعاني، والتنقُّل في حقول العلوم والتعمق فيها حتى ‏يزيد تبصر الإنسان وفطنته وتجد النفس لذةَ المعرفة، وهذا يدفع النفس إلى الإبداع، وبهذه القراءة الواعية تكون نهضة الأمة، ‏وكلما كانت القراءة أوسع كان البناء أعظم.‏

وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته في الحفل الختامي لتكريم الفائزين في مشروع تحدي القراءة العربي، أنَّ الأزهر الشريف ‏أدرك عظم أمانة المعرفة التي بابها القراءة، وفتح أبوابه لأبناء أمته، وخرَّج أجيالًا عَمِلَت على إظهار حقيقة الإسلام ودوره البنَّاء ‏في حفظ البشرية وتقدمها ورقي الحضارة، ولم لا؛ فهو المؤسسة الوطنية صاحبة الدور المشهود في نشر قيم التسامح بين الناس ‏جميعًا، ورعاية الفكر الإسلامي المعتدل في مصر والعالم كله، إضافةً إلى وضوح منهجه؛ ولذا كان -ولا يزال- مقصدَ طلاب ‏العلم من جميع أنحاء العالم، يتفقهون فيه في الدين، ويدرسون العلوم والفنون والآداب، ويتخرَّجونَ من قاعاته علماء عاملين، ‏وفقهاء راسخين، يجمعون الإيمان بالله والثِّقة بالنفس وقوة الروح، مصقولين بكفاية علميةٍ وعمليةٍ ومهنيةٍ تؤكِّد الصلة بين الدين ‏والحياة، وتربط بين العقيدة والسلوك، وتؤهلهم للمشاركة في كل أسباب النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطيبة، والمشاركة في ‏الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتمد العالم الإسلامي والوطن العربي بالمختصين وأصحاب الرأي فيما يتَّصل ‏بالشريعة الإسلامية والثقافة الدينية والعربية ولغة القرآن الكريم.‏

وبيَّن وكيل الأزهر أننا الآن نقف على نهاية عام مضى لنحتفي بمنجزاتنا في مشروع «تحدي القراءة» أكبر مشروع عربي ‏لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، المشروع الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس ‏دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم إمارة دبي، المشروع الذي يحظى بالدعم الكامل من فضيلة الإمام ‏الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ ليقينه الكامل بأهمية المعرفة التي تمنحنا القدرة على فهم العالم من حولنا وتوجيه ‏تصرفاتنا واتخاذ القرارات الصائبة من خلال التعلم واكتساب المعارف المتنوعة، كما تجعلنا أكثر حكمة في اختياراتنا وتعاملاتنا ‏مع الأشخاص والمواقف، ففهم الآخرين يعد جزءًا مهمًّا في تحقيق التواصل الفعال والعلاقات الناجحة، وهذه الحكمة لا تستفاد من ‏التعليم الرسمي فحسب، وإنما نكتسبها أيضًا من القراءة والاستكشاف والتجارب الشخصية.‏

وأكَّد فضيلته أن تحصيل المعرفة والحكمة يأخذنا في رحلة مستمرة للتعلم والتطور، مما يساعدنا أن نصبح أكثر تميزًا وفَهمًا ‏للعالم من حولنا، فضلًا عما تُضيفه القراءة إلى الإنسان من حماية من مشاقِّ الحياة وصعوباتها وعقباتها، ونحن نكرِّر في كل لقاء ‏أن القراءة مفتاح العلم، وسر السعادة في الدنيا والآخرة، كما أنها غذاء الروح وسبيل بناء العقل ولسان التعبير الذكي البليغ، وإنني ‏من مكاني هذا أوجِّه نصيحة للجميع؛ ألَّا نستكثرَ وقتًا وهبناه للقراءة؛ فإنها تضيف أعمارًا إلى أعمارنا، وألَّا نتعجَّل ثمراتها؛ فقد لا ‏تبدو لنا واضحة.‏

ولفت وكيل الأزهر إلى أهمية القراءة فقال: إن أحد طلاب العلم ذهب لشيخه فقال: لقد قرأتُ الكتاب ولم يَعلَق شيءٌ منه بذاكرتي، ‏فمَدَّ له شيخه تمرةً وقال: امضغها، فمضغها، فسأله الشيخ: هل كبرت الآن؟ قال: لا. فقال الشيخ: ولكن هذه التمرة تقسَّمت في ‏جسدك فصارت لحمًا وعظمًا وعصبًا وجلدًا وشعرًا وخلايا، فأدرك الطالب أن كتابا يقرؤه يتقسم فيعزز اللغة ويزيد المعرفة ‏ويهذب الأخلاق، ويسمو بالروح، ويكفي الأمة الإسلامية شرفًا وفخرًا أن أول ما ابتدأ به نزول القرآن الكريم قوله تعالى: {اقرأ ‏باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم}، وأنَّ سورة كاملة من ‏سور القرآن الكريم اسمها سورة القلم.‏

وأضاف الدكتور الضويني إننا نجتمع كل عام لنحتفي بما حقَّقناه من نجاح تلو الآخر في هذا المشروع العربي المتميز، نتشارك ‏اليوم هذا الحفل المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في ضيوفنا الكرام، وبين جمهورية مصر العربية ممثلة في ‏رجال الأزهر الشريف؛ لنعلن عن بطل التحدي (تحدي القراءة العربي) الذي سيمثل جمهورية مصر العربية من طلَّاب الأزهر ‏الشريف في التصفيات النهائية بدبي هذا الموسم، وكذا الإعلان عن باقي العشر الأوائل على مستوى جمهورية مصر العربية؛ ‏من تلاميذ وطلاب وطالبات الأزهر الشريف، ولأول مرة الإعلان عن المراكز الثلاث الأوائل من ذوي الهِمَمِ الذين بهم ازدادت ‏المسابقة علوًّا وحققت أهدافها الإنسانية والتعليميَّة والتربويَّة.‏

واختتم وكيل الأزهر أن حفل اليوم يأتي نتيجةَ جهودٍ كبيرة قامت بها عن حبِّ اللجنة التنفيذيَّة لمشروع تحدي القراءة العربي ‏بالأزهر الشريف واللجان التنسيقيَّة بالمناطق الأزهرية، ويمكن باختصارٍ عقد مقارنة إحصائية بين الأعداد المشاركة في الموسم ‏الأول للمشروع الذين بلغ عددهم على موقع التحدي 500 ألف طالب وطالبة، وهاهو العدد يتضاعف بالموسم السابع؛ حيث بلغ ‏عدد المشاركين هذا الموسم (2068650) و(5100) طالب وطالبة من ذوي الهِمَم، وتشير هذا المقارنة إشارة قوية لما بذل من ‏جهود مشتركة بين فرق العمل المشاركة في إنجازه، كما بلغ أعداد المعاهد المشاركة هذا العام أعلى معدل لها منذ بداية المسابقة ‏حتى الآن، فبلغ عدد المعاهد التي شاركت بالمشروع (9516) معهدًا أزهريًّا من مختلف المراحل التَّعليمية بالتعليم قبل الجامعي، ‏وهي المعاهد التي تمَّ تصعيد الطلاب منها؛ للمنافسة على المراكز العشرة الأوائل على مستوى الجمهورية.‏